· 

بين الثرثرة الصامتة والحديث المختصر

‎   

من سلسلة كتب "عن لبنان لماذا اكتب” جزء ٤ 


يُعتبر الكلام ثروة تستحق الحماية ضّد تبديدها بالثرثرة لسببين اساسيين أولهما أن عقل الإنسان هو عبارة عن جهاز تأويل لذا كلما قلَّ الكلام كلما صَعُب النفاذ للجوهر إذ لا يوجد ما هو أخطر من أن يصبح الشخص كتاباً مفتوحاً للجميع ، وثانيهما أن كل شيء يمكن أن يتغير بما في ذلك الافكار والقناعات لذا كلما قلَّ الكلام كلما قلَّ خطر تورط الانسان في التزامات يصعب الخروج منها ، وما زلت لا افهم ما هي ميزات الغموض والضبابية ؟


في أعتقاد سقراط أنه يشترط أثناء التحدث أن تتمكن الكلمات من اجتياز ثلاث بوابات ، فالكلمات الصادقة تعبر من البوابة الأولى وإذا لم تكن كذلك فإنها تعود ، والكلمات الضرورية تعبر من البوابة الثانية وإذا لم تكن كذلك فإنها تعود ايضاً ، أما الكلمات الطيبة فأنها تعبر من البوابة الثالثة ، لذلك يعمد كثيرون للابتعاد عن المشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية في لبنان رغم أن جميع المقومات متوفرة عندهم ، ورغم شعورهم بأن الابتعاد هو خطأ ، ورغم أن البعد أحضانه قاسية ولكن ذلك يبقى أفضل من حياة "اهل السياسة"وجلب "الدب عالكرم "وشتائم الناس .


 في لبنان ويلات جبران خليل جبران لم تعد كافية ولو كان لا يزال حياً  لاضاف ويلات جديدة تبدأ بالويل لوطن اعلامه في أيدي المنافقين وماله في ايدي اللصوص والقوة في ايدي الجهال …ولا ادري اين ينتهي فالقائمة تطول ! لذلك أنصحك صديقي القارئ بالحديث المختصر مع الناس بعد أن اصبح معظم شعبنا "موتوراً " نتيجة الضغوط وفقر الحال والاحوال ….والاكتفاء بالثرثرة الصامتة لان الناس تغيروا وحتى من يحبك لم يعد يفهمك او يتفهم ظروفك ولم اعد اعرف اين يمكنني أن اصرف كلام محمود العقاد من أن" التقاء فكرتين مثل التقاء  مرآتين واذا وضعت نفسك في المنتصف تتضاعف الى ما لا نهاية".

نقولا أبو فيصل ✍️