· 

بين المتنبي وكافور… والاعلامي والحاكم

 

من سلسلة كتب "عن لبنان لماذا اكتب” جزء ٤ 


كان المتنبي يلازم سيف الدولة في حلب لسنوات طويلة ، وكان الاخير يغدق عليه العطاءات كلما أجاد في مدحه ،وذات يوم ضرب ابن خلويه زميله المتنبي أثناء تواجدهما في مجلس سيف الدولة بمفتاح شق وجهه، ولان سيف الدولة لم يتدخل للدفاع عن أبي الطيب المتنبي ، خرج الاخير من المجلس غاضباً وجمع حقائبه متجهاً نحو دمشق ومنها الى مصر تلبية لدعوة سابقة من كافور الإخشيدي حاكم مصر والشام , ابن الحبشة صاحب البشرة السوداء والشفتين المتشققتين ، وبدأ في مديحه بعدد من القصائد وفي نفس الوقت كان يعّرض بسيف الدولة الحمداني ، كما كان يصف كافور الإخشيدي بأنه مثل المسك وأنه الأفضل بين الملوك.


وبالفعل قام كافور بإجزال العطاء للمتنبي ليس لأنه كان نابغة شعراء عصره بل خوفاً أن يهجوه ، ولكن المتنبي كان يطمع في أكثر من ذلك ، فلما لم يحصل على ما تمناه قرر أن يقوم بهجاء كافور بقصيدة "عيد بأية حال عدت يا عيد بما مضى أم لأمر فيك تجديد أما الأحبة فالبيداء دونهم فليت دونك بيداً دونها بيد"واستمر المتنبي في هجاء كافور قائلًا :من علم الأسود المخصي مكرمة أقومه البيض أم آباؤه الصيد أم أذنه في يد النخاس دامية أم قدره وهو بالفلسين مردود أولى اللئام كويفير بمعذرة في كل لؤم وبعض العذر تفنيد وذاك أن الفحول البيض عاجزة عن الجميل فكيف الخصية السود.


وفي الختام أترك لكم المقارنة بين مديح ابي الطيب المتنبي لسيف الدولة وكافور ، وبين حفلات التبجيل والتبخير الاسبوعية "لسعادة الحاكم "على الهواء مباشرة وباللبان العُماني الشهير ، وكأننا نستعيد التاريخ بعد أستبدال قصائد المديح الصامتة بمديح بالصوت والصورة ، والسعر يحدد تبعاً لما تسجله الحلقات من نسبة مشاهدة عالية جداً في الوطن ودول الانتشار اللبناني ، وبأنتظار أن يعيد التاريخ نفسه وأن يتحول المديح الى هجاء بعد أن ينتهي العطاء السخي ، وإنتظروا حدوث ذلك قريباً ! (صورة كافور العبد الذي حكم مصر )

نقولا أبو فيصل ✍️