· 

كيف نضع حلولًا مستدامة لمعالجة مليون دولاب مستعمل سنويًّا في لبنان؟

عن فيسبوك
عن فيسبوك



في خضم ازماتنا المتعددة ومأساة اهالي طرابلس المكلومة، هناك قضايا مزمنة لها تداعياتها الصحية والبيئية الكبيرة لا يجب اغفالها. من هذه القضايا الحرق العشوائي لإطارات السيارات المستعمَلة (دواليب السيارات والشاحنات)، بُغية استخراج شرائط الحديد منها، في أكثر من منطقة لبنانية. فالثابت أنَّ ذلك يُفضي إلى أضرار صحية جمة تؤثر على الجهاز التنفسي والقلب والاوعية وكذلك اضرار بيئية بالغة، جرَّاء انبعاث أول أُكسيد الكربون وثاني أُكسيد الكبريت، فضلًا عن مُركَّبات عضوية سامَّة ومواد مُسرطِنة خطيرة جدًّا مثل الهيدروكربونات العطرية.


تلقَّيت الكثير من الشكاوى من مناطق لبنانية عديدة (عكار وطرابلس وعدلون والنبطية، والبقاع الأوسط) حول الحرق العشوائي، وتواصلت بصورة مستمرَّة مع المُدَّعيين العامِّين ومع المحافظين، الأمرُ الذي أدَّى إلى نجاح القوى الأمنية بوقف هذه المُمارَسات أحيانًا، لتعود مُجدَّدًا بعد حين. 


السبت الماضي، زرتُ خراج بلدة الكفور في محافظة النبطية، وهي أحد الأمكنة التي يعاني فيها الأهالي من نتائج حرق الدواليب العشوائي، وشهدتُ حجم التدهور البيئي الناجم عنه، واتفقت مع المحافظ ورئيس البلدية أن نطلب من القوى الأمنية التشدُّد في هذا الموضوع، ومن القضاء التحرك الجدي لوقف الضرر الكبير الناجم. أمَّا وزارة البيئة فستعملُ مع السلطات المحلية لوقف الضرر البيئي في المنطقة، وكذلك إجراء تدقيق بيئي لمعملين قائمَيْن فيها يستخدمان تقنيَّة التَّفكيك الحراري في معالجة الإطارات.


في الوقت عينه، أُقارِب الموضوع من ناحية وضع الحلول المستدامة لمعالجة نحو مليون إطار مستعمل سنويًّا في لبنان. في سياق ذلك، زرتُ مركزًا جديدًا لتجميع الدواليب المستعملة في بلدة صير الغربية، كان قد بادرت إلى إقامته شركة ناشئة بالتعاون مع البلدية بتمويل من كلٍّ مِنْ الحكومة الكندية و"ميرسي كور"، واطَّلعتُ على آلية عمل المركز الذي يهدف الى سحب أشرطة الحديد وتقطيع الدواليب، ومن ثَمَّ نقلها إلى معامل الكاوتشوك أو تصديرها إلى الخارج. 


بعدئذٍ، زرت مصنع شركة العلا لتدوير وإعادة تصنيع الكاوتشوك في بلدة جون، واستمعت إلى شرحٍ مفصَّلٍ من إدارة المصنع في صدد آلية العمل، بدءًا من تسلُّم الدواليب المستعملة وفرمها وصولًا إلى إعادة تصنيعها منتجاتٍ مطاطيةً مختلفةً، كأرضيَّاتِ الملاعب ومخابيط إطفاء الحرائق وغير ذلك من المنتجات. 


سأعمل بالتعاون مع وزارة الصناعة والقطاع الخاص والجمعيات البيئية والتنموية على تطوير وتعميم هذه الحلول المستدامة لأنواع النفايات والمواد، ووضع الأطر التشريعية لتعزيز مبادئ الاقتصاد الدائري والصناعات التحويلية، بحيث يمكننا في الوقت نفسه أن نحمي البيئة وأن نوفِّر فرص العمل في مجالات متنوعة نحن بأمس الحاجة إليها.


ناصر ياسين، وزير البيئة 

Write a comment

Comments: 0