· 

بين عبدة السلطة والكراسي ومرضى النفس


يقولون أن عبيد السلطة والنفوذ والكراسي تتغير شخصيتهم بسرعة هائلة عندما يشغلون منصباً ويتحولون الى أشخاص آخرين نكاد لا نعود نعرفهم ، وفي الحقيقة قد يكون صديقي على حق حين اقنعني اننا لم نكن نعرفهم من قبل وما ظهر عليهم من تغيرات بعد توليهم المناصب أظهرتهم على حقيقتهم وكشفت القناع المزيف الذي كانوا يضعونه على وجوههم ، وامثال هؤلاء استبدلوا عبادة الله بعبادة الكراسي من دونه ، وإن أظهروا للآخرين أنهم أتقياء الله ، فعبادة القلب هي الأساس ولا يفيد الاعلام في تسويقهم وخداع الناس . 


عبدة الكراسي لا يشترط بهم أن يكونوا من كبار الموظفين بل تجدهم في الوظائف البسيطة أيضاً وهم أناس قلوبهم قاسية على من دونهم وجبناء أمام من هم أعلى منهم يخافون من ظلهم  ، أذا استفردوا بمن دونهم بطشوا وظلموا وإن وقعوا تحت أقدام من فوقهم سجدوا وقبلوا الأيادي والأقدام وتنازلوا عن كرامتهم –إن بقيت لهم كرامة وراحوا يستجدون العطف والشفقة ويقسمون الأيمان بالطاعة والولاء ، غالبية هؤلاء لا يغادرون كراسيهم  إلا مضطرين وإن فعلوا فأنهم سرعان ما يعودون اليها وهم لا يجدون أنفسهم إلا جلوساً عليها وأن غادروها يشعرون بالمذلة والدونية لأنهم في الحقيقة ظلال وهمية والكراسي هي من تمنحهم الوجود والمكانة .


وقبل الختام لا بد من الاشارة الى ان كثيرين من أصحاب المناصب لا يألون جهداً في خدمة المواطنين وتسهيل أمورهم وتقديم كل مساعدة لهم ، ولا يهمهم مناصب ولا القاب ولا كراسي فهؤلاء تكبر بهم المناصب وتعلو بهم الكراسي ، وهم أصحاب همم عالية ونفوس طيبة ، أنهم يستحقون كل الحب والتقدير والاحترام وهم ليسوا موضوع مقالتي هذه لأنهم شرفاء وكما يقال الكبار يولدون كبارًا..

نقولا ابو فيصل ✍️ 

من سلسلة كتب "عن لبنان لماذا اكتب "جزء ٣‏‏

Write a comment

Comments: 0