· 

بين المال المنهوب والمال المحجوب واللامبالاة


يُشخص العديد من المحللين الاقتصاديين الكارثة المالية اللبنانية بالمزدوجة فالأولى هي أزمة سياسية داخلية مسؤولة عن المال المنهوب والثانية هي أزمة سيادية إقليمية مسؤولة عن المال المحجوب … وقد قالها بوضوح رئيس سابق لجمهورية الموز اللبنانية ذات يوم "إنّ مشكلة لبنان العميقة لا تكمن في المال المنهوب فحسب بل في المال المحجوب أيضاً "وقد تسبب  ذلك في فجوة أقتصادية وصلت الى ستة وثلاثين مليار دولار امريكي يحتاجها الاقتصاد اللبناني للخروج  من جهنم …


وفيما ننتظر حالياً عودة الخليج الى لبنان بعد وساطة فرنسية مع سلة معونات تربوية واستشفائية وإنسانية قدرت قيمتها في حدود الستة وثلاثين مليون دولار أميركي مما يعطي اشارة لطريقة التعاطي مع حل ازمة لبنان التي لم يسبق في تاريخه ان مر بمثلها  بحيث يظهر بشكل واضح النقص في تشخيص مأساة شعب لبنان وعدم الاهتمام واللا مبالاة تجاه إخراجه من جهنّم ! وتبعًا لذلك فأن مطلب إنهاء خدمات الحاكم بأمر المال قد يكون مشروعاً ولكن لا قيمة له إذا لم يترافق مع اقصاء كل الذين سخّروا لثلاثين سنة مضت الاقتصاد في خدمة السياسة من جهة والمسؤولين عن المال المحجوب من جهة اخرى ..


وفي الاخير كل التهاني لأهل بلادي حيث بات بعض المسؤولين منهم يملكون حاسة سادسة وسابعة وثامنة ويستطيعون رؤية المحجوب والتنبؤ بالحاضر ورسم المستقبل كما يظهر لي وانا اتابع برامجهم ‏الانتخابية والتي يبتغون منها العودة الى السلطة عبر التوريث السياسي من المنية وتنورين الى العمارة ، ومن زحلة وزغرتا الى المختارة والحارة ، وقد أذهلني مقدار معرفتهم الدقيقة في تفاصيل حاجة المواطن الشهرية من المال لسد مستلزمات الحياة والعيش في كرامة وما أثار حشريتي للتساؤل هل لديهم عصافير تنقل اليهم كل ليلة اخبار المواطنين قبل أن يناموا ؟ أم انهم خارقون ؟ 

نقولا ابو فيصل ✍️ 

‏‎من سلسلة كتب "عن لبنان لماذا اكتب "جزء ٣‏‏

Write a comment

Comments: 0