· 

بين القمح والزيوان ومجيء الوقت



الى الذين لم يخذلونا في الحياة نقدم محبتنا وتقديرنا لوفائهم ، والى الذين خذلونا نقدم شكرنا وامتناننا لانهم ساعدونا على التمييز بين القمح والزيوان ، والزيوان يا سادة هو  عبارة عن نبات يشبه القمح لكنه رديء ، ويردد اللبنانيون كثيرًا المثل القائل زيوان بلادي ولا قمح الغريب ويقصد به ان الشيء المصنوع في بلدك افضل من الشيء المستورد ولو لم يكن بنفس الجودة ربما ، لكن هذا المثل يقصد به اشياء اخرى أيضاً  وهي تفضيل شخص على شخص اخر  ويمكن أن يكون القصد انه اي شي من بلدك انت اعلم فيه لكن المستورد من الخارج يمكن أن يكون سيئاً مثل الزيوان الذي نعرفه.


‎ويبدو أنه من الحسنات الوحيدة لهذه الازمة الاقتصادية والمالية والاخلاقية التي يمر بها لبنان رغم قساوتها أنها كانت بمثابة "الغربال" الذي فصل الزيوان عن القمح وكشف اللبنانيين على حقيقتهم وسقط المنافقين والفاسقين منهم  تحت الغربال وخاصة أصحاب المصارف وحكام المال ، وبعض أصدقاء المصلحة ، ورغم مرارة الحالة التي وصلنا اليها يستمر الصالح بدفع فاتورة الطالح مع بلوغ رواتب موظفي القطاع العام والخاص إنحداراً دراماتيكيًا وفقدانها لقوتها الشرائية ، لكن بصيص الأمل يبقى موجوداً خاصة بعد تمايز القمح عن الزيوان وإنكشاف الكَذبة والمراوغين الذين وعدوا الشعب بأصلاح كاذب 


وفي الاخير نجد أنه اذا كان الله نفسه اله الخير هو الزارع للقمح في الحقل والعدو اي الشيطان هو الزارع للزيوان (زكريا 1:3). وبذلك فأن القمح في الكتاب المقدس يرمز الى الابرار الملتزمين والزيوان يرمز الى الاشرار الغير ملتزمين (متى 28:13-30) وقد سمح الله بتعايش الاثنان معاً في الحقل لأن شخصية كل مجموعة لم تنضج بعد وسيكون من الخطر الفصل بينهما ولا يمكن حصاد الزيوان دون التأثير على نمو القمح لذلك يجب أن تتعايش كلا المجموعتين حتى مجيئ الوقت وهذا هو حالنا في المزرعة اللبنانية ولا حول لنا ولا قوة الا بالثقة بالله كي يكون الخلاص قريبًا .

نقولا أبو فيصل ✍️