· 

الشباب العربي في تركيا يناشد أردوغان

يسعى فخامة رئيس الجمهورية التركية  السيد رجب طيب أردوغان إلى تقديم كل الدعم للجالية العربية في تركيا، وإلى زرع بذور المحبة والإخوة والتعاون بين العرب والأتراك. 


لكن، يؤسفنا القول أن شريحة كبيرة من العرب الموجودين في تركيا، وتحديدا أصحاب المال والأعمال، لم يكونوا خير عون لأبناء وبنات الجالية العربية.. فبدلا من أن يكونوا داعمين ومساندين لهم في بلاد الإغتراب، تراهم يسعون إلى استغلالهم أبشع استغلال بحيث يجعلونهم في حالة معاناة لا توصف.


لمعرفة المزيد عن هذه الأمور، التقت الإعلامية ماري - راغدة الحلبي بعدة أشخاص واجهوا مواقف مخزية، وكان اللقاء الأول مع عائشة ب. من لبنان، والتي حدثتنا عن الصعوبات والمعاناة التي واجهتها مع أصحاب الشركات العرب في اسطنبول، فقالت: 

"جئت إلى اسطنبول منذ 11 شهرا، هربا من الحياة القاسية والظروف الإقتصادية الصعبة التي نعيشها في لبنان. وبما أنني أمتلك 9سنوات من الخبرة في مجال العمل الإداري والتسويق الإلكتروني، تقدمت بطلب وظيفة عبر النت، وجاءني القبول في شركة تجارية أصحابها عراقيون، فأعطوني الحد الأدنى للأجور 2500 ليرة، دون أن يأخذوا بعين الإعتبار سنوات الخبرة. في البداية قبلت  على مضض لأنني بحاجة إلى المال، لكني لم أتحمل الأسلوب الفوقي والمقزز الذي تعامل به صاحب العمل معنا كموظفين، فتركت العمل بعد يومين دون أن آخذ فلسا واحدا.

ثم انتقلت إلى العمل في شركة أخرى أصحابها سوريون، بقيت معهم شهر ونصف، فكانوا طيبين ولبقين، لكن في الفترة الأخيرة، تم توظيف مدير جديد كان يتعمد افتعال المشاكل معي، ولم أعد قادرة على تحمله فقدمت استقالتي، خصوصا، وأن المعاش لا يناسب كفاءتي وخبراتي. فتركت الوظيفة وبدأت بالبحث عن عمل آخر.


خدعة التوظيف

  ذهبت إلى أربع شركات أصحابها عرب من بينهم: لبناني ، يمني، وسوري. كانوا قد اطلعوا على سيرتي الذاتية وأيقنوا 

أنني محترفة في إدارة السوشيال ميديا. في البداية وقعت في الفخ عندما تظاهر أحد رجال الأعمال انه قبل بتوظيفي، وراح يطرح علي الأسئلة كي يأخذ مني المعلومات، فصرت أجيبه عليها.. وعندما سألته متى سنبدأ بالعمل، قال لي سنتصل بك في نهاية الأسبوع، لكنه لم يفعل.


بعدها ذهبت إلى شركات أخرى، وأصبحت حريصة على ان لا أعطي أي معلومة قبل أن يتم توظيفي. وهنا كان يبرع رجال الأعمال الأنذال في التمثيل بأنهم وظفوني، وكانت يتفقون معي على بدل أتعابي وجميع الامور لكن دون عقد، ثم يجعلونني أعمل ليوم أو يومين أو ثلاث ويطرحون علي الكثير من الأسئلة. وعندما يشعرون بأنهم حصلوا مني على ما يريدون من معلومات، يعلمونني بأنهم أوقفونني عن العمل بحجة أن ليس لديهم القدرة على دفع بدل أتعابي. وعندما كنت أطالبهم ببدل مادي مقابل ما قدمته من عمل،  يتحولون الى وحوش كاسرة ويوجهون لي كلمات معيبة وقذرة كنفوسهم النتنة..

الموظف ضحية الجشع


لم أتحمل هذه المواقف المهينة وقررت أن أشتكي على أصحاب الشركات، فصدمت عندما علمت بأنني في حال اشتكيت سأتعرض للعقوبة وسأدفع غرامة مالية بقيمة 7000 ليرة تركية لأنني قبلت أن أعمل دون إذن عمل.


الغريب في الأمر، أن قانون العمل في تركيا يعطي الحق لصاحب الشركة فقط في الحصول على إذن العمل من وزارة العمل، فإذا كان صاحب العمل يتهرب من الحصول على إذن العمل للموظفين كي لا يدفع ضرائب للدولة، فما ذنب الموظف أو العامل حتى يطاله العقاب؟؟

لذلك قررت أن أناشد فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان، عبر وسيلتكم الكريمة، أن ينقذنا من جشع رجال الأعمال العرب، وأن يضع حدا لظلمهم واستغلالهم من خلال صياغة قانون يحمي حقوق الموظفين العرب والأجانب. لقد جئنا إلى تركيا هربا من الظلم في بلادنا، لنعمل ونكسب مالنا بعرق جبيننا كي نحيا بعزة وكرامة، ولم نأت لنعمل عبيدا عند أشخاص يفتقدون لمعاني الأخلاق وحس الإنسانية ..


ابن بلدي ظلمني


محمد ح. من سوريا يتحدث عن تجربته مع صاحب مطعم سوري، فيقول:

عملت نادل في مطعم في منطقة الفاتح، صاحبه سوري. كنت مجتهدا في عملي واعمل يوميا 10 ساعات، وبعد فترة حدث خلاف بيني وبين صاحب المطعم، فطردني من العمل دون أن يدفع لي أجرة الشهر الأخير الذي عملته عنده. 


المؤسف، أن صاحب المطعم هو ابن بلدي، ومع ذلك لم يكن إنسانيا ولا أخلاقيا في تصرفه معي. إذ عشت فترة عصيبة بعد أن تركت  العمل لأنني لم أحصل على المال. فهل يعقل أن أعمل شهرا بأكمله ثم يتم حرماني من حقي لأن صاحب العمل لا يريد ذلك...


لذلك أصرخ مستنجدا بأعلى صوتي طالبا من فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان بأن يساندنا ويساعدنا في الحصول على حقوقنا من أصحاب المؤسسات الظالمين، وان 

يفرض على كل منهم عقوبات مشددة.


 وهنا لا بد من الإشارة، بأنني لست أنا وحدي من تعرض لهكذا موقف صعب، بل هنالك الكثيرون من الشباب والشابات العرب الذين يتعرضون لهذه المواقف المهينة والمعيبة من قبل أصحاب المال والأعمال العرب. 


وهنا أتساءل، لماذا لا يحق لكل أجنبي في تركيا أن يذهب هو الى وزارة العمل ويحصل على إذن عمل؟ بحيث يضمن الموظف 

 حقه، ويصبح صاحب العمل مجبرا على دفع الضرائب المتوجبة عليه للدولة، ودفع كل المستحقات للموظفين.


سرقة التجارب والمعلومات


وحول هذا الموضوع، تحدثنا إلى السيدة ن.ح. وهي صاحبة شركة توظيف، فقالت:


نتأسف أن نرى الكثير من الشركات التي يمتلكها العرب تتعامل بطريقة غير إنسانية مع الشباب العربي، فإذا ما وجدوا شخصا على كفاءة عالية، يتفقون معه على العمل لفترة تجريبية لمدة شهر أو ثلاثة أشهر، فيسعون للإستفادة من خبراته وأخذ كل المعلومات التي تساعدهم على تطوير شركتهم، ثم يفصلونه عن العمل قبل انتهاء المدة المتفق عليها، ويرفضون إعطاءه بدل أتعابه بحجة انهم لم يستفيدوا منه بشيء.


وللأسف، لا يوجد قانون يحمي أبناء الجالية العربية من جشع أصحاب الشركات العرب. 


في حين نجد ان نفس هؤلاء الأشخاص الذين يستبدون بالموظفين والعمال العرب والأجانب لا يتجرؤون على فعل هذه الأمور مع الموظفين الأتراك، لأنهم يعلمون جيدا بأن الدولة التركية ستحاسبهم وستعاقب كل من يتسبب بالأذى والضرر والإهانة لأي مواطن تركي.


وهنالك الكثير من القصص والوقائع التي تدمي القلب، فنرى الكثيرين من أصحاب المال العرب ينهشون بلحم الشباب العربي، فيفرضون عليهم ساعات طويلة من العمل الشاق والمتواصل دون رحمة، وبمعاشات ضئيلة أقل من الحد الأدنى للأجور، بحجة ان وضع الشركة لا يسمح بذلك.


معاناة لا تنتهي


وقد جاءني الكثير من الشباب والشابات العرب وغير العرب الذين ساعدتهم في إيجاد وظائف في معامل أو شركات، وأخبروني عن الظلم والإستغلال الذي يتعرضون له. خصوصا وأن أصحاب الشركات يتهربون من استخراج أذون العمل كي لا يدفعوا الضرائب للدولة. وانعدام وجود إذن العمل يفقد الموظف الحق في محاسبة رب العمل أو مطالبته بحقوقه.  



وختمت السيدة ن.ح. حديثنا قائلا: "إننا نناشد الدولة التركية الكريمة وفخامة الرئيس أردوغان بأن يضعوا آلية معينة وقوانين جديدة تحمي حقوق الموظف العربي أو "اليابنجي"، بحيث تمكنه من الحصول على حقوقه، وتجبر أصحاب الأعمال على إعطاء العامل أو الموظف حقه، حتى لو اشتغل ساعة واحدة. فمن حقه أن يحصل على المال مقابل عمله كي يؤمن لقمة عيشه ويعيش بعزة وكرامة.


الإسلام يحرم الإستغلال


كانت هذه شهادات وتجارب لأشخاص ذاقوا الأمرين في بلد قصدوه من أجل العيش بكرامة، فإذا بهم يتعرضون للذل والإهانة من أبناء جاليتهم.. لذلك، سلطنا الضوء على هذا الموضوع الخطير، الذي يتفاقم يوما بعد يوم، ونناشد فخامة الرئيس أردوغان، ونقول له:


 إننا نتابع أعمالكم الجبارة ومشاريعكم الضخمة التي تهدف إلى تطوير وإنماء ونهضة تركيا الحبيبة.. ولاحظنا سعيكم لترسيخ الفكر والسلوك الإسلامي القويم في الشعب التركي العظيم..


 وبما أن الدين الإسلامي أعزَّ  الخدم والعمَّال ورعاهم وكرَّمهم، واعترف بحقوقهم رافضا لكل معاني الرقُّ والتبعيَّة والمذلَّة والهوان، قاصدًا بذلك إقامة العدالة الاجتماعيَّة، وتوفير الحياة الكريمة لهم. إذ ألزم  صاحب العمل أن يُوَفِّيَ للعامل والخادم أجره المكافئ لجُهده دون ظلم أو مماطلة، فقال رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم: "أَعْطُوا الأَجِيرَ أَجْرَهُ قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ".


كما حذَّر رسول الله من ظلمهم فقال: "مَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ فَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ، وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ". فقال رجل: وإن كان شيئًا يسيرًا يا رسول الله؟ فقال: "وَإِنْ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ".


وهكذا، فإنه من حقِّ الموظفين أن تُحْفَظ حقوقهم الماليَّة من الغبن والظلم والاستغلال؛ إذ يؤكد نبي الله محمد بأن الله رقيب على كلُّ مَنْ ظلم عاملاً أو خادمًا، وخصم له يوم القيامة.


فخامة الرئيس


يقول عمر بن الخطاب، رضي الله عنه: "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرار؟" 


فهل يجوز أن يستمر هذا الظلم في تركيا الحبيبة بلد الإسلام والمسلمين؟


ألا يحق لنا أن نلتجئ إليكم لتحموا شبابنا وشاباتنا من استعباد رجال الأعمال العرب لهم؟؟ 


ومن غيركم الجدير بتطبيق نصوص الشريعة الاسلامية وترسيخ مبادئ الإسلام في نفوس أصحاب الشركات العرب..


عشتم.. وعاشت تركيا حرة أبية..


  وتفضلوا بقبول فائق الإحترام..



الإعلامية ماري - راغدة الحلبي



Write a comment

Comments: 0