فيما كان رجل مسن يستقبل ضيوفاً في منزله طلب من "مجنون القرية " أن يوزع التمر على الحضور ، وبعد أن لبى طلبه على وجه السرعة سأله : هل أقسمه قسمةِ الناس أم قسمةِ الله ؟ ليجيبه قائلًا : اقسمه قسمةِ الناس ، فأخذ المجنون طبق التمر وأعطى كل ضيف ثلاث تمرات, وقدم الباقي لصاحب الدار ، عندها طلب منه ان يعيد قسمته قسمة الله فقام بجمع التمر , وأعطى الأول تمرة, والثاني حفنة , والثالث لا شئ والرابع ملأ حجره ! فضحك الحاضرون طويلاً
لقد أراد المجنون أن يقول لهم إن لله حكمة في كل شئ وإن أجمل ما في الحياة هو التفاوت ، فلو أُعطي الناس جميعًا المال لم يعد له قيمة ولو أُعطي الجميع الصحة ما كان للصحة قيمة ، ولو أعطاهم علما ما كان للعلم قيمة . سرّ الحياة أن يُكمل الناس بعضهم , وأن لله حكمة لا ندركها بعقلنا القاصر فحين يعطي الله المال له حكمة , وحين يمسكه له حكمة وأنه ليس علينا أن نشتكي إذا حرمنا لأن الله إذا أعطانا فقد أعطانا ما هو له , وإذا حرمنا فقد حرمنا مما ليس لنا أساساً !
ومن المسلم به ان الله قد وزع الخير بين البشر بالعدل وليس بالمساواة التي تحمل في طياتها إجحافاً أحياناً ، ومن أُعطي المال لا نعرف ما الذي أُخذ منه في المقابل , ونحن على يقين أن الله لو كشف لنا الغيب ما اخترنا لأنفسنا إلا ما اختاره هو لنا ، والمال لم يكن يوماً معياراً لحب الله لنا ، فالأشياء التي لا تصلنا ونحن بحاجة اليها هي أشياء قدر الله لها التأجيل وسوف تأتينا في الوقت المُناسب .
نقولا أبو فيصل ✍️
Write a comment