· 

بالرغم من كل شيء... علّي صوتك

 

 

كيف يبدأ التغيير؟ لعلنا في لبنان نسمع عنه كثيراً ونريده بقوة ولكنه صعب المنال مع كل ما يدور في البلد من مشاكل وتعقيدات سياسية واقتصادية، ولكن لسنا الوحيدين في هذه المعضلة في العالم العربي. على الجانب الآخر من المتوسط يقع حي سيدي بومدين في كازابلانكا، عاصمة المغرب، حيث الأمور ليست أفضل حالاً.

 

هناك قامت مجموعة من الإرهابيين بعمل إرهابي سُمي بهجوم الدار البيضاء الدامي عام  ٢٠٠٣ وأعطى هذا العمل سمعة سيئة للحي وأهله وبخاصةً الجيل الشاب الذي يعاني أصلاً من قيود كبيرة بسبب العادات والتقاليد التي تتحكم بكل شيء تقريباً.

 

هذه القضايا تثير انتباه المخرج المغربي-الفرنسي نبيل عيوش الذي يقدمها في معظم أعماله السينمائية والتي غالباً ما تثير الجدل ولكنها تلفت النظر وتضع الأصبع على الجرح النازف. في أحدث أعماله، "علّي صوتك"، يستوحي المخرج من تجربته الشخصية في مركز ثقافي في حي مضطرب وكيف ساعده على الإبتعاد عن الشارع وتجنب الإنحراف من خلال قصة مغني راب سابق يُعيَّن معلماً في مركز لتنمية المواهب بأحد الأحياء الشعبية، سيدي بومدين، في الدار البيضاء حيث يلتقي بمجموعة من المراهقين تعيش ظروفاً اقتصادية صعبة مع تشتت أفكارهم غير الناضجة لكنهم بمساعدة المعلم الجديد تحاول التعبير عن أنفسها بموسيقى الهيب هوب وتحدي مشكلاتها الاجتماعية بشكل مختلف.

المعلم نفسه يعاني من مشاكل اقتصادية، فهو يعيش داخل سيارة صغيرة ويعيش صراع خفي بين ما يؤمن به وما يريد تحقيقه... هذا الصراع سيعاني منه الشباب والشابات داخل صفه وسيحاولون التعبير عنه من خلال أغاني الراب ذات الكلام الذي ينبع من آلام يعيشونها كل يوم في منازلهم وشوارعهم...

 

تعرفوا معنا على فوائد الماندالا هنا

 

ولكن عندما يعتزم المعلم تنظيم حفل لتلاميذه على مسرح المركز، بعض سكان الحي وأهل الطلاب يداهمون المكان وينهون الحفل، فيجد المعلم نفسه مضطراً لاتخاذ قرار قاسٍ حتى لا يُغلق المركز تماماً.

 

الفيلم من بطولة أنس بسبوسي ومجموعة من المواهب الشابة تتراوح أعمارهم بين 12 و18 عامًا. وبجانب الإخراج كتب سيناريو الفيلم نبيل عيوش بالتعاون مع زوجته المخرجة والممثلة مريم توزاني.

 

شارك فيلم "علي صوتك"، في القائمة الرئيسية للدورة الـ74 لمهرجان كان السينمائي الدولي، وهذه المشاركة هي الأولى من نوعها في تاريخ السينما المغربية ضمن هذا المهرجان السينمائي. كذلك شارك في عرضه الأول عربياً في مهرجان الجونة السينمائي في مصر وتبدأ عروضه في الصالات اللبنانية في ٢٠ كانون الثاني ٢٠٢٢، من توزيع شركة "أم سي".

 

يركز الشريط على الجيل الشاب من الفتيات والفتيان الذين يمثلون البراعم المتفتحة وسط بيئة تسحق الجميع في مجتمع ذكوري ويعتمد على الدين بشكل كبير. هذا الشباب الذي يفيض طاقة ورغبة في الحرية يتحدى أولئك الذين يريدون فرض إرادتهم على الجميع ويتركون بصمة لأن أعظم شعور يتكون لدى الإنسان هو في الكلمة "المرسومة" كغرافيتي على باب سيارة المعلم: "حرية". 

 

صرخة مدوية يطلقها الفيلم للتغيير والحرية من كل القيود المفروضة والتي تكبِّل حياتنا وتحولنا لأسرى داخل حياتنا الخاصة والعامة وهذا ما يجعله مميزاً وضروري للمشاهدة في لبنان مع كل ما نعانيه.

 

Write a comment

Comments: 0