· 

يحدث الكثير تحت سماء أليس

يبدأ عرض الفيلم في "غراند سينما" الأشرفية في 2 كانون الأول
يبدأ عرض الفيلم في "غراند سينما" الأشرفية في 2 كانون الأول

 

القصص التي تختزنها العائلات تكون بالعادة من أفضل القصص لما تحتويه من أحداث مشوقة ومغامرات خاصة بكل فرد من أفرادها وتعكس أحداثها تاريخ يمتد على عدد كبير من السنوات من خلال قصص صغيرة تجتمع مع بعضها وتندمج لتكوّن قصة أكبر تغدو مرآة للمكان والزمان.

 

تقدم المخرجة اللبنانية – الفرنسية كلوي مازلو فيلمها الأول Sous Le Ciel D'Alice  مستمدةً من قصة جدتها أليس أحداثه. ففي خمسينيات القرن الماضي تغادر "أليس  اليافعة بلدها سويسرا متجهةً إلى لبنان، بلد الشمس والزحمة هناك، تقع في حب جوزيف، عالم الفيزياء الفلكية الذي يحلم بإرسال أول لبناني إلى الفضاء. بالرغم من بعض التناقضات, ستجد أليس مكانها سريعاً داخل عائلة جوزيف. لكن وكما كل شيء في لبنان, المفاجأة تكون أن تسللتّ بعد بضع سنوات من حياة المتعة والرفاهية، الحرب الأهلية إلى جنّتهم الصغيرة فتقلبها رأساً على عقب!


أليس وجوزيف زوجان أسطوريان وخجولان للغاية، وعن الممثلين الذين قدما دورهما تقول مخرجة العمل مازلو, "أبحث عن ممثلين يتمتعون بشخصية جذابة ولطيفة، ويمكنهم قول الكثير دون الحاجة إلى التحدث كثيراً. لقد كان اختياراً حساساً، من القلب. لقد اكتشفت  ألبا روهرواشر (التي تلعب دور أليس) في أفلام أختها ألبا روهرواشر ، وقد تأثرت بقدرتها على تجسيد الجاذبية العميقة، مع الاحتفظ بكم من اللطف الشديد. بالنسبة لوجدي معوض (بدور جوزيف)، كان الأمر خياراً فكرياً أكثر: مسرحياته وكتبه كانت مرجع لسنوات عديدة، جعلتني أكبر، وأضاءت لي على أصولي، وهدأتني. لذلك كان بطريقة ما جزءاً من عائلتي، من وجهة نظر "فنية". لقد كنت محظو ظة للغاية أن كلاهما قبلا التمثيل في الفيلم ، بالإضافة إلى موهبتهما التي لا يمكن إنكارها، فقد جلبوا معهم اللطف والتواضع..."

 

في مزيج مذهل من التصوير الواقعي والرسوم المتحركة نتابع رحلة أليس من سويسرا الى بيروت وقصة حبها التي ستدخل عليها شخصيات عديدة لتلوّنها دون أن تعكر صفوها فتغدو إضافة مبهرة لألبوم الصور على مر السنين التي سيكون لها دور محوري في قصة الحب, الطفولية احياناً, بين أليس وجوزيف الطموح الذي لن يسمح لشيء أن يقف بوجه طموحه أن يصل الى الفضاء وأن يكون اللبناني الأول الذي ينجح بذلك!

 

وعن هذا المزيج الفريد من نوعه تقول المخرجة, "كان من الواضح أنه في هذه القصة، تعطي عملية دمج التقنيات المعنى الكامل لها، ولن أتمكن من صنع فيلم من تقنية تقطيع الحركة أو ال motion stop بشكل حصري، هذه التقنية لها جانب ركيك للغاية، حيث بإمكانه أن يخلق مسافة مع المشاهد ويعيق تجسيد المشاعر. لذلك قررت أن أستخدمه فقط عند الحاجة (ذوبان القلب، صيد اللقلق ...)، كتأثير خاص، وليس بشكل منهجي أبداً. آمل أن تساهم هذه التقنيات المتنوعة بجانبها الحرفي في إضافة المتعة عند مشاهدة الفيلم. كما أعتقد أنها تساعد أي ضا في جعل الزوجين أليس وجوزيف أكثر جاذبية، من خلال الخيال."

 

في الشريط مشاهد تعبر عن الحرب اللبنانية, حرب الأخوة التي وُصفت بالعبثية, ومع هذه الحرب يأتي الألم بسبب الخراب وتفكك العائلة والتعصب الأعمى. تحاول الأرزة اللبنانية لمّ الشمل ووقف الصراع لكنها تذهب ضحية طموحها وأفكارها الغير واقعية امام جيل متحمس للصراع, جيل أعمى لا يعرف دوره في صراع الأمم أو حتى حجمه في لعبة هي أكبر منه بأشواط تجعله أسير أحلامه التي تصطدم بواقع مرير ذو وجه زهري.

 

 

Sous le Ciel D'Alice  فيلم لبناني فرنسي ينضج بالشاعرية السينمائية الخلابة ويأخذنا الى عالم جميل وقبيح في الوقت عينه كصورة للتناقض الكبير الذي يميز (؟) لبنان وشعوبه فيتحول الى دعوة للتفكير العميق مترافقة مع موسيقى تصويرية ساحرة لبشار مار خليفة في أجواء مؤثرة وحساسة جداً تدفعنا للبكاء والضحك في مزيج سحري فريد لتجربة سينمائية شفافة داخل عالم عجائب أليس, السويسرية, التي ستحب لبنان أكثر من أكثر لبناني فيه!

 

Write a comment

Comments: 0