· 

الخبراء يعتبرون تفاؤل الشباب العربي بمثابة دعوة صريحة لصنّاع القرار لاتخاذ خطوات عملية لبناء مستقبل أفضل

دعا قطاع واسع من خبراء الشرق الأوسط – بمن في ذلك ممثلين عن الهيئات الحكومية، والمؤسسات متعددة الأطراف، ومنظمات المجتمع المدني، والأوساط الإعلامية والأكاديمية والأدبية – إلى الأخذ بنتائج استطلاع أصداء بي سي دبليو السنوي الثالث عشر لرأي الشباب العربي (اقرأه هنا)، حيث اعتبروها بمثابة دعوة صريحة لصنّاع القرار في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للقيام بخطوات عملية لبناء مستقبل أفضل للشباب.

وفي هذا السياق، قال معالي يوسف مانع العتيبة، سفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى الولايات المتحدة الأمريكية ووزير الدولة: "تشير البيانات الواردة في استطلاع أصداء بي سي دبليو الثالث عشر لرأي الشباب العربي إلى تحول جوهري يسري في أوصال المنطقة؛ حيث يتبنى الشباب نظرة أكثر تفاؤلاً، ويخوضون في الوقت نفسه سلسلة من التغييرات العميقة التي تجري حالياً. وتلقى الروح القومية المتنامية صدىً أكبر لدى الشباب العربي، حيث يتطلع هذا الجيل بشكل متزايد إلى البلدان العربية الشقيقة لقيادة مستقبل المنطقة. ولا شك أن اعتمادنا المتزايد على النفس، ولا سيما في الدول النموذجية مثل الإمارات، يغذي هذا الفخر بالهوية العربية. وبينما تحتفل دولة الإمارات العربية المتحدة بإكسبو 2020 دبي واليوبيل الذهبي لتأسيسها في ديسمبر القادم، ننظر إلى ’المستقبل بآمالٍ متجددة‘ تماماً مثل الشباب العربي في استطلاع هذا العام".

من جانبه، أشار الدكتور جهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي بواشنطن، إلى إن نتائج الاستطلاع تكشف عن ثقة الشباب العربي بمستقبلهم. وقال بهذا الخصوص: "يشكّل الاستطلاع نداء عمل إلى صنّاع القرار لبحث مدى تأثير نتائجه على السياسات الحكومية، بما في ذلك المجالات ذات الأرضية المشتركة وتلك التي تتباين فيها البيانات. ولتحقيق تطلعات الشباب العربي، لا بد من زيادة مستوى الشمول المالي، وإتاحة فرص التمويل الميسر لرواد الأعمال الشباب، وتوفير بيئة العمل المناسبة لهم، والحد قدر الإمكان من الروتين وتدخل الدولة في الإدارة الاقتصادية. ونحن بحاجة أيضاً إلى عقد اجتماعي جديد يركز بالدرجة الأولى على حماية مصالح المواطن".

وسلط الصحفي السعودي المخضرم خالد المعينا الضوء على قيمة البيانات التي أوردها الاستطلاع قائلاً: "في منطقة يصعب فيها الحصول على معلومات دقيقة، تقدم هذه النتائج نظرة معمقة على عقلية الشباب العربي الذين يعيشون في مجتمعات تحكمها سلطة قبلية وأبوية في معظم الأحيان، وبالتالي فهم بأمس الحاجة إلى بيئة تتيح لهم التعبير عن رؤيتهم الخاصة وتمكّنهم من السعي لتحقيقها. وهم يريدون لأصواتهم أن تصل إلى مراكز القرار باعتبارهم أصحاب مصلحة وليسوا مجرد متفرجين، فهم في نهاية المطاف مستقبل المنطقة".

من جانبه، قال فيصل اليافعي، الصحفي والشريك في وكالة الاستشارات الاستراتيجية "هيلدبراند نورد" في المملكة المتحدة: "تشكل هذه النتائج فرصة لأصحاب القرار وصنّاع السياسات لتحديد الأولويات التي ينبغي التركيز عليها. فالشباب العربي هم الجيل الواعد، وعلينا توفير الهيكليات المناسبة لتحقيق تطلعاتهم، وآخر ما نتمناه أن نسمعه منهم أن يقولوا لنا ’كان لدينا الكثير من التفاؤل، لكنكم خيبتم أملنا بتقاعسكم‘. والأمر في نهاية المطاف يتعلق بالعلاقة بين الشباب والطبقات السياسية؛ فطالما شعر الناس أن هناك من يسعى لحل المشاكل التي يواجهونها في حياتهم اليومية، فلن يخرجوا إلى الشوارع".

وفي إطار تأكيدها على الروح الإيجابية التي كشفت عنها نتائج الاستطلاع، قالت دانيا خالد المعينا، الرئيس التنفيذي لجمعية "الأولى" في جدة، المملكة العربية السعودية: "يبدو عنوان الاستطلاع ’المستقبل بآمالٍ متجددة‘ محفزاً للغاية، فهو يعكس مواقف الشباب العربي الذين باتوا أكثر تفاؤلاً وحماساً بشأن المستقبل، وهو شعور نلمسه على أرض الواقع في المملكة العربية السعودية؛ فقد بات الشباب أكثر ميلاً للابتكار، ولم يعد الكثير منهم يرغبون بوظيفة حكومية ثابتة على غرار آبائهم، وإنما يسعون لتحقيق شغفهم. ولكن التفاؤل وحده لا يكفي، فنحن بحاجة إلى سد الفجوة بين المناهج التعليمية ومتطلبات سوق العمل؛ وهذا يستوجب خلق مهارات جديدة تمكّن الشباب من مواكبة متطلبات الاقتصاد الجديد".

بدوره قال أفشــين مولافــي هــو زميــل أول فــي معهــد الشــؤون الخارجيــة بجامعة جــون هوبكنز للدراســات الدولية المتقدمــة فــي واشــنطن: "ينأى الشباب العربي بأنفسهم عن تباهي الشعبويين، ويسعون للحصول على فرص عمل تضمن لهم تحسين أنفسهم، ويتعطشون لرؤية تغيير جوهري في أسلوب عمل حكوماتهم؛ وهم فوق ذلك كله مستعدون لاتخاذ زمام المبادرة. وفي حين يصف البعض الشباب العربي بأنهم ’الجيل المحترق‘ - الذي أحرقه سوء الإدارة وفساد الحكم – إلا أنهم أيضاً جيل براغماتي يمتلك من الطاقة والرؤية والإبداع ما يكفي لتغيير بلدهم – إن لم نقل العالم – إذا ما أتيحت لهم الظروف المواتية".

وفي إطار حديثها عن تغير آراء الشباب العربي بشأن العلاقات الدولية، قالت كيم غطاس، الصحفية والمحللة ومؤلفة كتاب غطاس كتاب "الموجة السوداء: المملكة العربية السعودية وإيران، والصراع الذي دام أربعين عاماً، والذي كشف خفايا الثقافة والدين والذاكرة الجماعية في الشرق الأوسط": "لو كان النفوذ الأمريكي يتضاءل كما تشير العديد من وسائل الإعلام، فلن يكون هذا الانطباع في محله لمن يقرأ نتائج استطلاع أصداء بي سي دبليو لرأي الشباب العربي 2021 والذي كشف في إحدى نتائجه أن: الشباب العربي لا يزال ينظر إلى الولايات المتحدة باعتبارها القوة الأكثر تأثيراً في المنطقة، تليها السعودية والإمارات في المرتبتين الثانية والثالثة. وإذا كان الحديث يدور حول التراجع والابتعاد عن الولايات المتحدة، فإن الاستطلاع يظهر أن غالبية صغيرة من الشباب العربي لا يزالون ينظرون إليها كحليف لبلدانهم. وتشكل هاتان النقطتان من أكثر نتائج الاستطلاع إثارة للدهشة".

وأبدى حسين إبيش، وهو باحث مقيم أول في معهد دول الخليج العربية في واشنطن، دهشته من نتائج استطلاع هذا العام. وعلق قائلاً: "من أبرز نتائج الاستطلاع برأيي هو موقف الشباب العربي إزاء الهجرة؛ فالتصور العام في الغرب حول الشباب العربي أنهم لا يدخرون وسيلةً لمغادرة بلدانهم. ولكن الاستطلاع ينفي ذلك تماماً. وقد نجحت دولة الإمارات نجحت بترسيخ مكانة قوية لها بين أوساط الشباب العربي، وهذا يعزز فرصة تأثيرها مع الوقت في حفز التنمية الاجتماعية والثقافية للمجتمعات العربية الأخرى من خلال نموذجها الاجتماعي القائم على التنوع والتسامح".

يعد استطلاع أصداء بي سي دبليو السنوي لرأي الشباب العربي أشمل دراسة تركز على الفئة السكانية الأكبر في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والتي تضم ما يزيد على 200 مليون شاباً وشابة. وتم إجراء المقابلات لصالح أصداء بي سي دبليو، وكالة استشارات العلاقات العامة الرائدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من قبل شركة "بي إس بي إنسايتس" المتخصصة في التحليل والدراسات الاستراتيجية العالمية. وشمل الاستطلاع 3,400 مواطناً عربياً تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاماً في 50 مدينة عبر 17 دولة خلال الفترة الممتدة بين 6 و30 يونيو 2021.، وتوزعت عينة الاستطلاع بالتساوي بين الرجال والنساء. 

Write a comment

Comments: 0