· 

الجسر والطاحون



قال الرحالة هنري لامنس: "إن موقع انطلياس حسن جداً, لا بد أنه لفت منذ قديم الزمان أنظار الأهلين فسكنوه وعمروه". تقع انطلياس على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط, على مسافة 9 كلم  شمالي قلب العاصمة اللبنانية بيروت. وثمة تفسيرات عدة لإسم انطلياس, والأقرب الى الحقيقة تفسيران: أولهما يربطه بالجذور الفينيقية بينما يرى الثاني أنه يعود الى جذور إغريقية. يستند التفسير الأول الى وجود معبدين قرب ينابيع الفوار وهما على اسم الإله عنان والإله عليان الفينيقيين. ومن تزاوج الإسمين انطلقت تسمية "انطليان", التي تطورت في ما بعد تحت تأثير "السين" الإغريقية وأصبحت انطلياس. بينما يقول التفسير الثاني أن اليونانيين القدامى أقاموا في هذه البقعة من الشرق ثلاثة معابد للشمس: الأول لعبادة شروقها في موقع برّ الياس (وتكتب بالأصل "بارهيليوس" أي شروق الشمس). والمعبد الثاني هو على خط مسار الشمس بين الشروق والغروب في بقعة قب الياس حيث أقيم معبد يرمز لقبة ظهورها وقت الظهيرة. أما الموقع الثالث, فمخصص لعبادة الشمس عند غروبها, وقد أقامه الإغريق في موقعة انطلياس, وقد ظهرت أعمدة وتيجان خامية, وقبب تشير الى المعبد, وذلك عند حفر أساسات أحد المراكز التجارية قرب ساحة البلدة. ويعود تفسير التسمية الى كلمة انطيليوس والتي تعني "إزاء الشمس" أي البقعة القائمة مقابل الشمس عند مغيبها. وإن كان معظم السكان وزائري انطلياس يعرف جسر المتصرفية في ساحة البلدة, يوجد على الخط الموازي داخلياً نحو النهر "جسر الطاحون".


في العام 1812 بنى الأمير بشير الثاني الكبير جسراً للعبور على المجرى الأعلى لنهر انطلياس. وفي العام 1837 حدث سيل كبير, فهدم جسر الإمارة ولم يتم بناؤه مجدداً طيلة ولاية المير. وبعد انتهاء الحكم, أتى حكم القائمقاميتين, فقام أول قائمقام على القائمقامية الشمالية وهو الأمير حيدر اسماعيل أبي اللمع بتشييد الجسر المنهار, وبنى قربه طاحونة عُرفت في ما بعد بطاحونة الوادي. واشترط على من يريد استثمار الطاحونة على المدى البعيد, أن يعتني كذلك بصيانة الجسر.


 


 الجسر ما زال قائماً حتى يومنا هذا وإن كان بحاجة لصيانة وإعادته لشكله القديم والإستفادة من الموقع الجميل جداً بالقرب من نهر ذات مياه عذبة تتدفق بقوة في فصل الشتاء وبانسيابية في فصل الصيف. ومن الممكن الاستفادة من الموقع لتعزيز السياحة البيئية والداخلية وتحقيق التنمية المستدامة.


 

Write a comment

Comments: 0