· 

توسع ملحوظ في عمليات نشر تقنية الجيل الخامس تجارياً استشرافاً لمستقبل البحرين الرقمي

بقلم : أحمد بن مسعود، رئيس إريكسون البحرين
بقلم : أحمد بن مسعود، رئيس إريكسون البحرين

تمتلك التكنولوجيا قوة فريدة من نوعها، تتمثل في التشجيع المستمر على الابتكار والإبداع وتحويل حياة الناس والشركات و المجتمعات. ومع تعرض العالم لأزمة استثنائية أدت إلى إحداث تغييرات جذرية على الحياة البشرية في جميع مناحيها ومجالاتها، يتوجه المستهلكون على نحو متزايد لاعتبار الشبكات المرنة كبنية تحتية حيوية وأساسية في تعاملاتهم اليومية. كما يؤدي الترابط العالمي المتزايد أكثر من أي وقت مضى، إلى جعلنا جزء من منظومة عالمية تتخطى حدود ومجالات الحياة التقليدية، يعتبر الابتكار عمادها الأساسي لتدشين عالم جديد مختلف جذرياً. وتعتبر البحرين نموذجاً عالمياً استثنائياً لناحية التطلع قدماً للاستفادة من الابتكارات المتنوعة وتعزيز المعرفة المشتركة والعمل على الاستثمار في عمليات التعلم للاستفادة من الفرص والإمكانات الهائلة الناتجة عن التطور التكنولوجي، لتوفير حياة أفضل لشعبها ومواطنيها. ويعد الابتكار جزءاً أساسياً من رؤية البحرين الاقتصادية 2030، ومن المؤكد بأن تحقيق الأهداف الرئيسية لهذه الرؤية المستقبلية الواعدة سيعتمد على نشر وتبني واعتماد تقنيات الجيل الخامس، التي تستشرف مستقبلاً ستتغير 

فيه حياتنا واستراتيجية أعمالنا.

 

تظهر الدراسات والتحليلات التي تركز على حركة البيانات المتنقلة، أن منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا تشهد أعلى معدلات النمو لناحية استخدام بيانات الهاتف المتنقل، ما سيؤدي إلى زيادة إجمالي حركة البيانات المتنقلة بعامل يقارب التسعة، ومن المتوقع أن يصل متوسط البيانات لكل هاتف ذكي إلى 23 جيجابايت شهرياً عام 2025، وذلك وفقاً لتقرير إريكسون للاتصالات المتنقلة. ولكن كيف سيتمكن مزودو خدمات الاتصال في المنطقة  من التحكم بالزيادة الهائلة في حركة البيانات المتنقلة ومواجهة التحديات المتزايدة على مستوى الشبكة؟ عبر نشر أفضل التكنولوجيات المتاحة، والمتمثلة في تقنية الجيل الخامس. في الواقع، لم يشهد قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في المنطقة أي إنجاز مماثل لتقنية الجيل الخامس. ومن المتوقع أن يصل عدد الاشتراكات بتقنية الجيل الخامس إلى 80 مليون اشتراك في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بحلول عام 2025، وتقدم تقنية الجيل الخامس فرص رائعة لمزودي الخدمة عبر الاستفادة من حالات الاستخدام الجديدة وتوفير الخدمات التي تساهم في تعزيز الإيرادات.


وقد تم نشر التقنية الجديدة تجارياً، مع العديد من 

مزودي الخدمات الرائدين خلال عام 2019، حيث تجاوزت الاشتراكات بتقنية الجيل الخامس 500،000 اشتراك، معظمها في دول مجلس التعاون الخليجي. وتعتبر الفرصة سانحة لمزودي الخدمات للاعتماد على التقنيات الرائدة في السوق لتطوير الحلول التي تعزز قدرات وكفاءة 

المستخدمين من الأفراد والمؤسسات.


تقنية الجيل الخامس في البحرين

شهدت البحرين نشر تقنية الجيل الخامس تجارياً لتعزيز الرقمنة واستخدامها على أوسع نطاق من قبل الأفراد والشركات والقطاعات، ويعتبر النطاق العريض المتنقل المحسن أول حالة استخدام عالمية واسعة النطاق لتقنية الجيل الخامس، وتكمن أهميته في دوره المتمثل بقيادة الموجة التالية من الإنتاجية في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في البحرين. ومن المؤكد بأن تقنية الجيل الخامس ذات السرعات العالية ووقت الاستجابة المنخفض، تساهم في تلبية متطلبات حركة البيانات المتزايدة وتوفير تجارب النطاق العريض المتنقل عالي الجودة والوصول اللاسلكي الثابت - توفير سرعات بجودة الألياف في المنازل. وكنتيجة لذلك، سيحصل المستهلكون على خدمات اتصال أكثر سرعة واستقراراً وأماناً- جنباً إلى جنب مع الخدمات الجديدة. من المهم في هذا الإطار، تسليط الضوء على توقعات المستهلكين العالية لناحية الأداء الفائق لشبكات الاتصالات المتنقلة، والتي يتم استخدامها للوصول إلى الإنترنت، حيث يتوقع المستخدمون أن تمنحهم التقنيات الجديدة القدرة على بث مقاطع الفيديو بسلاسة أينما كانوا، بغض النظر عن الضغط المتزايد على الشبكات لبث المحتوى، والحاجة المتنامية للحصول على البيانات.


سيؤدي التوجه المتزايد لاستخدام تقنية الجيل الخامس، إلى تعزيز النطاق العريض المتنقل المحسن للمستخدمين الراغبين بالحصول على قدر أكبر من البيانات في البحرين، مع سرعات فائقة ووقت استجابة منخفض، إضافة إلى المستوى التالي من تجارب المستخدم أثناء التنقل، مثل البث والتحميل والألعاب والترفيه والمعلومات والتفاعل. كما يعزز التحول لتبني تقنية الجيل الخامس راحة الأفراد الذين يعانون من تدني مستوى أداء وكفاءة الشبكات. بالإضافة إلى ذلك، تساهم تقنية الجيل الخامس في توفير العديد من الفرص على مستوى تقنية إنترنت الأشياء (IoT) والثورة الصناعية الرابعة للشركات والقطاعات في البحرين. وقد دفع هذا الأمر بإريكسون إلى تعزيز جهودها الهادفة لزيادة الوعي بالقدرات التجريبية لتقنية الجيل الخامس،عبر استعراض حالات الاستخدام المبتكرة وكيفية الاعتماد عليها لتحقيق التحول الرقمي على مستوى القطاع. وتُعتبر هذه المعرفة ضرورية للاستفادة من تدفقات الإيرادات الناشئة غير المستغلة من رقمنة القطاعات على نحو متكامل. على صعيد آخر، يتوجب على مزودي خدمات الاتصال في البحرين، بذل الجهود الهادفة لتعزيز الاستثمارات المرتبطة بتوسيع مجال التغطية وتعزيز الموثوقية وتحقيق سرعات فائقة عبر الشبكات البحرينية تحضيراً لإطلاق تقنية الجيل الخامس للهواتف المتنقلة.

توفر تقنية الجيل الخامس محفظة من الإمكانات والفرص الجديدة، التي تتيح الفرصة للمشغلين لتطوير حالات استخدام وتطبيقات وخدمات جديدة مع ارتفاع ملحوظ في الإيرادات، لصالح المستخدمين والشركات والقطاعات والأسواق المختلفة. إلا أن النجاح في هذا الإطار لا يقتصر على ذلك، حيث أن توفير الإمكانات الهائلة لتقنية الجيل الخامس على نحو متكامل وواسع النطاق، وتحقيق النجاح على المدى الطويل يتطلب الاهتمام بمجالين رئيسيين، وهما توفر الطيف وتطوير حالات الاستخدام.

يحتاج مزودو خدمات الاتصالات المتنقلة إلى دعم كبير من المراجع التنظيمية المختصة  لتوفير ما يكفي من الطيف في النطاقات المتوسطة والمنخفضة الحالية. من ناحية أخرى، تتزايد الحاجة إلى النطاق العالي ونطاق الموجات الملمترية mmWave   لمعالجة التحديات المرتبطة بوقت الاستجابة البطيء للغاية في بعض المجالات الحيوية مثل الأتمتة والواقع المعزز والمراقبة عن بعد.


وتتضمن مزايا الجيل الخامس سرعات محسنة، ووقت استجابة أقل، مع قدرة استيعابية متزايدة ومرونة أكبر. ويبرز السؤال الأهم في هذا المجال، هل سيدفع المستخدمين في البحرين فاتورة أكبر للحصول على هذه المزايا والخدمات؟ في الواقعمن الممكن أن يتبع المشغلون استراتيجيات ذكية لمواجهة هذا التحدي، عبر تبني نهج التسعير القائم على الخدمة أو ربما الترويج لأهمية الخدمات الاستثنائية المقدمة، ذلك أن التحول لتبني تقنية الجيل الخامس لا يعني دفع المزيد من المال للحصول على جيجابايت أكثر، ولكنه يعني استشراف مستقبل غير محدود من الفرص والإمكانات. تنشر العديد من الشركات والمدن في البحرين حالياً، حلولاً تقنية تمهد الطريق لتبني التحول الرقمي على أوسع نطاق. ومن المتوقع مستقبلاً أن يتيح توفر الأجهزة الذكية، بما في ذلك المستشعرات والأجهزة الأخرى المتصلة بالتزامن مع الإمكانيات التي توفرها الشبكات المرنة، تحليلات فريدة  للبيانات والتي من شأنها تحقيق فوائد اجتماعية واقتصادية تعود بالنفع على نطاق واسع، بما في ذلك تخفيض حركة المرور وتصميم المباني الذكية وإدارة الطاقة – باستخدام قدرات التواصل الذكية والمتطورة.

باتت الوفرة في الإمكانيات، التي كانت في الماضي مجرد مادة للخيال العلمي، في متناول أيدينا. وعلى الرغم من الفرص الهائلة التي توفرها تقنية الجيل الخامس، إلا أن القطاع لا بد من أن يواجه العديد من التحديات، كما هو الحال في أي تحول تكنولوجي، وبالتالي يحتاج أصحاب المصلحة إلى التعلم اتباع استراتيجية التعلم المستمر، للاستفادة من الإمكانات الهائلة والقدرة على مواجهة التحديات المتوقعة على النحو الأمثل. 


Write a comment

Comments: 0