· 

مراقبة الانتخابات العامة من منظور النوع الاجتماعي

برعاية السيدة كلودين عون روكز رئيسة الهيئة الوطنيّة لشؤون المرأة اللبنانيّة ورئيسة المجلس الأعلى لمنظمة المرأة العربيّة، عقدت منظّمة المرأة العربيّة الدورة التدريبية الثانية للدفعة الثانية، المتخصّصة للسيدات في الدول العربيّة حول "مراقبة الانتخابات العامة من منظور النوع الاجتماعي"، في خطوة نحو تشكيل فريق عربيّ معتمد لمراقبة الانتخابات العامة من منظور النوع الاجتماعي، بحضور أعضاء الهيئة الوطنية لشؤون المرأة.

تمتد الدورة التدريبية لثلاثة أيام وتشارك فيها نساء من الأردن والجزائر والعراق وفلسطين ولبنان وليبيا ومصر وموريتانيا واليمن، ويقوم بالتدريب كل من الدكتورة فاديا كيوان المديرة العامة لمنظمة المرأة العربية، السيدة فاتن يونس مدير عام الشؤون السياسية واللاجئين في وزارة الداخليّة والبلديات في لبنان، الدكتور محمد شفيق صرصار أستاذ التعليم العالي في كلية الحقوق والعلوم السياسية في الجمهورية التونسية والرئيس السابق للهيئة المشرفة على الانتخابات في تونس، المستشار أول هادية صبري مديرة أمانة شؤون الانتخابات في جامعة الدول العربية والسيد عدنان ملكي الخبير في الشؤون الديمقراطية والإنتخابية في لبنان.


افتتحت الدورة بكلمة الدكتورة فاديا كيوان المديرة العامة لمنظمة المرأة العربيّة قالت فيها: "قد يتساءل البعض لماذا تشبثت المنظمة بفكرة عقد هذه الدورة في لبنان في ظروف أقل ما يمكن أن يقال فيها أنها دقيقة وصعبة يمرّ بها لبنان وشعب لبنان. لكن ما فضلنا إن أتينا وأنتم في فرح وازدهار؟ نحن إخوة وأخوات ومن واجبنا أن نأتي إلى لبنان فنعبّر عن محبتنا له ولشعبه وندعو له بعودة الاستقرار له في المجالات كافة."

وتابعت: "منذ الانطلاق بهذا البرنامج، انضمت إلينا مؤسسة وستمنستر للديمقراطية وهي مؤسسة عامة بريطانية تأسست في إطار البرلمان البريطاني وهي متواجدة بفعالية في أغلبية الدول العربية وافريقيا، تعمل في إطار التنمية وتعزيز المأسسة الديمقراطية. وفي مرحلة لاحقة ينضم إلينا برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لما لديه من خبرة واسعة في مجال تعزيز الأداء الديمقراطي".

وختمت:" ستواصل منظمة المرأة العربية تنفيذ نشاطات مفيدة للنساء العربيات وستبقى يقظة لتطور حاجات المجتمعات العربية وستستمر في مواكبة هذه الحاجات عملاً بالمهام التي أوكلت إليها عند تأسيسها في العام 2003."

وتم إلقاء كلمة عن الدكتورة دينا ملحم المديرة الإقليمية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآسيا في مؤسسة وستمنستر للديمقراطي كلمة قالت فيها : " ان برامج منظمة المرأة العربية لتمكين المرأة العربية تشكل دوماً فرصة مهمة جداً نحو تقدم أجندة المساواة وإلغاء اشكال التمييز ضد المرأة في العالم العربية. وتعتز مؤسسة وستمنستر للديمقراطية بتعاونها وشراكتها مع منظمة المرأة العربية في هذا البرنامج وغيره من البرامج المهمة والرائدة، وتعد هذه الدورة التدريبية مناسبة  لتأكيد مدى اعتزاز مؤسستنا بهذه الشراكة العميقة والمثمرة مع منظمة المرأة العربية."

أما السيد دان رادوليسكيو ممثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي فشدّد على ضرورة التركيز على جودة العملية الانتخابية وتعزيز المعايير التي تستند إليها الانتخابات وليس التركيز فقط على إجراء الانتخابات، وحيّا برنامج منظمة المرأة العربية لإعداد فريق إقليمي من المراقبات على الانتخابات العامة.

وفي ختام الجلسة الافتتاحية، ألقت السيدة عون روكز راعية الحفل كلمة قالت فيها: "إن المطالبة بمشاركة النساء في اتخاذ القرار السياسي في مجتمعاتنا العربية تنطلق من الحرص على رفع مستوى العمل السياسي ليكون حقيقة عملاً تنطبق عليه صفة الديمقراطية. تذكر دساتيرنا بأن "الشعب هو مصدر السلطات وصاحب السيادة، يمارسها عبر المؤسسات الدستورية" كما هو وارد في الدستور اللبناني. وفي الدساتير أيضاً أن النائب المنتخب من جانب الشعب يمثل الأمة جمعاء. من هنا مركزية اتمام العملية الانتخابية حسب الأصول القانونية المعتمدة ليكون تمثيل الشعب صحيحاً، ومن هنا مسؤوليتنا في الحرص على أن تجري العملية الانتخابية حسب مقتضيات القانون ومن غير أن تشوبها أخطاء أو تجاوزات تؤدي إلى انحرافها عن الهدف من تنظيمها وهو أولاً وأخيراً التوصل إلى قول الشعب لكلمته في اختيار من يمثله ومن يأتمنه لتحقيق تطلعاته. فنظام الحكم الديمقراطي تحدده الممارسات السياسية المعمول بها بقدر ما تحدده قواعد توزيع وتوازن السلطات بين المؤسسات الدستورية. ما يهمنا بالدرجة الأولى كمواطنات وكمواطنين متمسكين بالنمط الديمقراطي في الحكم هو هذه الممارسات".

وتابعت: "أتوقف هنا لأعرب عن تقديري وشكري لمنظمة المرأة العربية ولمديرتها، الدكتورة فاديا كيوان، لتنظيم دورات تدريبية حول مراقبة الانتخابات العامة من منظور النوع الاجتماعي متخصصة للسيدات. فهذه المبادرة تدل على إدراك أصحابها لواقع التحديات التي نواجهها في أوطاننا على صعيد ممارسة الحقوق السياسية بشكل عام وعلى صعيد ممارسة هذه الحقوق من جانب النساء بشكل خاص.

في الحالتين، الهدف الأول عندما نتكلم عن مراقبة الانتخابات العامة هو الحرص على التحقق من تطبيق القانون. "فدولة القانون" لا تقوم من غير الامتثال بتطبيق صارم للقوانين والنظام الديموقراطي يتطلب أولاً الامتثال للقواعد المنصوص عليها في القانون الانتخابي لتأمين المساواة بين المرشحين وضمان حرية الناخب أو الناخبة وصحة عملية الفرز وإعلان النتائج وعدم التساهل في معاقبة منتهكي القانون."

واعتبرت أنه عندما يتعلق الأمر بمراقبة الانتخابات العامة للتأكد من صحة الممارسات السياسية المطبقة بالنسبة إلى حقوق النساء في المشاركة السياسية، يتوجب على "دولة القانون" وعلى القيمين على إحلال حكمها أن يوسعوا نطاق معايير المساواة بين المرشحين وقواعد التعامل في مراكز الاقتراع. فمن منظور النوع الاجتماعي، ينبغي أن تشمل مراقبة هذه المعايير السقوف المتاحة لتمويل الحملات الانتخابية من جانب المرشحين والمرشحات، والضغوطات الاجتماعية التي تطال النساء في مجتمعاتنا أكثر من الرجال نظراً إلى الصور النمطية التقليدية التي لا تزال تتناقلها مجتمعاتنا بالنسبة إلى حصر دور القيادة بالرجال دون النساء.

وأضافت: "كذلك ينبغي أن تتناول هذه المعايير المساحات المتاحة لكل من المرشحين والمرشحات في وسائل الإعلام خلال فترة الحملات الانتخابية كما يجب أن تأخذ في عين الاعتبار تدابير الحماية المتاحة للنساء للجوء إليها في حال تم تهديدهن كمرشحات أو كناخبات خلال الفترة الانتخابية. ولا يخفى أنه للأسف، لا تزال النساء في بلداننا، أكثر عرضة من الرجال لحالات التهديد والعنف. وعلى الرغم من التطور الملحوظ لا تزال النساء يعانين أكثر من الرجال من عواقب حملات التشهير التي من الممكن أن تطالهن خلال الحملات الانتخابية. وفي لبنان، تتصدر النساء اليوم التحركات الاجتماعية المطالبة بترشيد العمل السياسي ليكون متطابقاً مع القواعد الدستورية، وفي ذلك ظاهرة إيجابية تدل على تطور اجتماعي بات يتقبل أكثر من الماضي بروز الدور السياسي للمرأة. ذلك، على الرغم من حصول بعض الحوادث التي تعرضت خلالها بعض الناشطات و الإعلاميات لتحرش مباشر أو بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي كان يرمي إلى الإساءة الشخصية لهن."

وختمت:"إن أية هيئة رقابية للمسار الانتخابي، أكان المشاركون بها رجالاً أو نساءً ينبغي أن تنظر في العملية الانتخابية من وجهة نظر النوع الاجتماعي. فالعبرة من مشاركة النساء إلى جانب الرجال في القيام بأعمال مراقبة عملية الانتخابات، من هذا المنظور، لا تنبع من شعور بعدم الثقة بحرص الرجال على التمسك بمعايير المساواة الواقعية بين النساء والرجال في العملية الانتخابية،

(لفتني في برنامج الدورة عدد المشاركين الرجال في إدارتها، لهم التحية والتقدير). فمشاركة النساء في مراقبة الانتخابات هي بالنسبة إلينا تعبير أخر عن ضرورة مشاركتهن في تحمل مسؤوليات القرار السياسي. فنحن كمواطنات مسؤولات في مجتمعنا إلى جانب المواطنين وعلى قدم المساواة معهم، عن حسن إدارة نظامنا السياسي وعن نجاح ديمقراطيتنا. وهذه لا تحيا من غير الآليات التي تضمن تطبيقها.


كلّ تمنياتي لنجاح الجهود التي تبذلها منظمة المرأة العربية لتشكيل فريق معتمد لمراقبة الانتخابات العامة من منظور النوع الاجتماعي يتشارك فيه مواطنون ومواطنات من بلداننا العربية."


  

Write a comment

Comments: 0