· 

معرض زاد ملتقى يحطّ في سوومنلينا الوجهة الثانية ضمن جولته العالمية

ماتي لاسيلا، بولا ليتوماكي، حسن صالح، زاد ملتقى، ظافر شاوي، نادين صدّي زكور ويوها هوسكنن
ماتي لاسيلا، بولا ليتوماكي، حسن صالح، زاد ملتقى، ظافر شاوي، نادين صدّي زكور ويوها هوسكنن

 

كان عشاق الفن في فنلندا على موعد مميز في سوومنلينا لافتتاح معرض "شَمَشْ" الذي يحمل توقيع الفنان التشكيلي والمؤلف الموسيقي زاد ملتقى.

حضر الافتتاح ممثلة رئيس وزراء فنلندا، بولا ليتوماكي، السفير اللبناني في ستوكهولم حسن صالح، القنصل الفخري لفنلندا لدى لبنان ظافر شاوي ومن الداعمين الاساسيين للمعرض، السفير الفنلندي السابق لدى لبنان ماتي لاسيلا، ومدير برنامج هلسنكي الدولي للفن يوها هوسكنن.  

 

من انتاج نادين صدّي زكور للمرة الثانية بعد بيروت في متحف سرسق، في حزيران 2018، يُعرض التجهيز في قاعة ليفاهالي، وذلك بعد النجاح المُبهر الذي لاقاه إثر عرضه ضمن الدورة السابعة والخمسين من معرض الفن العالمي - بينالي البندقية لعام 2017 حيث استقبل أكثر من 54 ألف زائر. بعد ذلك، سيواصل "شَمَشْ" جولته العالمية التي ستشمل إستونيا، سنغافورة، إنكلترا، النروج، أستراليا.

صورة من المعرض
صورة من المعرض

 

يُمثل مفهوم هذا التجهيز عملاً كبيراً من الفن المعاصر الذي بإمكانه أن يوائم بين التآزر الجمالي والهندسة المعمارية والجو المُسالم الذي يسود الجزيرة، وأن يبرز، في الوقت نفسه، تلك العلاقة مع الذكرى المئوية للحرب الأهلية الفنلندية.

يجمع "شَمَشْ"، وهو تجهيز ضخم من النِسَب والمجالات، بتناغم تام وتآزر لافت بين الأشكال والمواد والأصوات، ليمزج بين الابتكار الموسيقي والبحث البصري وليدمج التكنولوجيا الحديثة بالآثار القديمة.

أما النتيجة فمحرّك ضخم مركّز أمام حائط برّاق، يستحضر صورة "العجل الذهبي" ويُصدر موسيقى الغَسَق التي تسكن الروح من تأليف زاد ملتقى.

تعليقاً على هذا العمل، يقول زاد ملتقى: "شهد قانون حمورابي قبل أربعة آلاف عام، على عطش الإنسان وسعيه الحثيث إلى العدالة. أما اليوم فيبقى السؤال، ما الذي تبقى من هذا المذهب الأخلاقي، الذي يشكل مصدراً لكل حضاراتنا؟ يبحث هذا العمل في عنفنا ويطلق صلوات مشتركة على نية إيقاف هذه الوحشية التي تسود مجتمعاتنا في الوقت الراهن والتي تهدّد أيضاً مستقبلنا وتتربّص بعالمنا منذ بداية الزمن".

"دماء البلاد تتراكم كالبرونز والرصاص/ ذابت كما تذيب الدهون تحت أشعة الشمس/ رجالها قطعت رؤوسهم بالفأس، لا خوذة تحميهم/ الجرحى كانوا مثل الغزالة المصادة بالشبكة، ورأسها في التراب.../ الأمهات والآباء الذين لم يتركوا بيوتهم أحرقتهم النيران/ والأطفال في أحضان أمهاتهم، كانوا كالسمك المُبعد عن الماء... فلتُمحى هذه الكارثة من جذورها! تماماً كمصراع الليل العظيم، توصد البوابة في وجهها!"، من مرثية مدينة أور إثر الخراب الذي لحق بها في العام ألفين قبل الميلاد.

أصوات تصدر عن المحرك.  

 

يشكل "شَمَشْ"، العمل الأحدث للفنان التشكيلي والمؤلف الموسيقي اللبناني زاد ملتقى. يرتكز هذا التجهيز على المفارقة اللافتة بين التاريخ الحديث للشرق والغرب كمنطقة للصراع، والتاريخ القديم لهذه المنطقة نفسها، باعتبارها مصدراً لما نسميه اليوم الحضارة.  

 

يستمد مشروع "شَمَشْ" جذوره من قانون حمورابي، الذي يعتبر أول قانون محفور على نصبٍ عالٍ من حجر البازالت الأسود قبل نحو ألفي عام. يشمل هذا التجهيز جداراً مصنوعاً من لوحات سوداء تحاكي الفسيفساء، إنما مزينة بـمئة وخمسين ألف قطعة نقدية معدنية لبنانية، تصوّر مشهداً جوياً لمدينة مقصوفة، ومحرك لطائرة عسكرية نفاثة من طراز رولز رويس إم كي 209، يبلغ طوله ستة أمتار، ويعود تاريخ صنعه الى خمسينات القرن الفائت، تم تثبيته بشكل عمودي في فضاء التجهيز، إضافة إلى 44 مكبراً للصوت، تصدر منها موسيقى من تأليف مُلتقى، بعنوان "شَمَشْ ايتيما" (ŠamaŠ Itima)، وهي عمل كورالي لاثنين وثلاثين صوتاً ممزوجاً بعناصر كهرسمعية (electroacoustic).   

 

تضيف زيارة هذا العمل الفني المُعاصر اللافت، مدينة سوومنلينا، أبعاداً جديدة إلى الذكرى المئوية لنشوب الحرب الأهلية الفنلندية. عقب الحرب، تم احتجاز ما يقارب 8000 شخص في معتقلات سوومنلينا.

 

أدت جوقة الجامعة الأنطونیة، لبنان، بقیادة الأب توفیق معتوق، خلال أمسية الافتتاح وليومين متتاليين، معزوفة عنوانها "شَمَشْ ايتيما" (الشمس المُظلمة).   

تشكل هذه المعزوفة جزءاً أساسياً من المعرض، علماً ان زاد ملتقى ألّفها لـ32 مغنياً، وهي مستوحاة من اللغات القديمة. أما كلماتها فمستمدّة من نشید إله العدل السومري، وتستند الى مفردات أكادیة مشوّهة ومبتورة، وكأن صاروخاً سقط وسط اللغة وأشعل حريقاً هائلاً في الكلمات.

في حين أن أصوات الإنسان والأرض تعجز عن مواصلة مسيرتها وسط المسألة الموحلة التي تحبس الأصوات، يحوم لحن سماوي فوقي، لحنٌ غريب ينطلق من مفاعل مفجّر يعود إلى خمسينات القرن الفائت.

 

يستمر المعرض لغاية 7 تشرين الأول 2018

أوقات الزيارة: من الثلاثاء إلى الأحد، من الحادية عشر قبل الظهر حتى السابعة مساءً


إنتاج: نادين صدّي زكور

Write a comment

Comments: 0