لاجئون بانتظار اللجوء

البحر يبدو أزرق وهادئ، يشكل مع السماء لوحة رائعة من الانسجام جديرة بعطلة سياحية من الدرجة الأولى... لكن 'السواح' هنا لا يعرفون طعم الراحة بل مذاق الملح من المياه وعذاب الرحلة من بلاد تمزقها الحروب، الصراعات، المجاعة وقلة فرص العمل.. البحر هنا نافذة أمل الى عالم أفضل يركبه لاجئ ولاجئة من كل الأعمار نحو غد أجمل وان كان سراباً.. هكذا يبدأ فيلم 
Human Flow 
للمخرج والفنان والناشط الصيني أي واي ليكمل في رحلة، غير مريحة، حول العالم لرصد تحركات اللاجئين ومحاولاتهم الحثيثة للوصول الى البلد المنشود: في أكثر الأوقات في اوروبا..
من شواطئ الجزر اليونانية الى الحدود مع المجر المقفلة بوجه أعداد كبيرة من السوريين الهاربين من جحيم الحرب في سوريا الى شيطان الانتظار واليأس للعبور الى 'جنة' المانيا حين وعدت باستقبال اكثر من ١،٨ مليون لاجئ.
في لبنان لدينا نظرة مختلفة، عدائية أحياناً، للاجئ فنعتبره يسرق أرزاقنا ووظائفنا ويستهلك طاقتنا المستنفذة أصلاً.. يساعد الفيلم على إلقاء الضوء على معاناة اللاجئ وذلك يساهم إيجاباً في تغيير نظرة المجتمع المضيف الى هؤلاء الأشخاص فنراهم يبكون بمرارة لخسارتهم كل شيء.. حتى أحلامهم.
وان لم يركز الفيلم الوثائقي على حياة اللاجئين السوريين في لبنان ولكن هذه المعاناة هي نفسها في كل مكان من الأردن الى المانيا نفسها.. في القسم المخصص للبنان يطل النائب وليد جنبلاط ويعترف بجرأة غير مسبوقة بدوره كأمير حرب لكن يتطلع الآن الى دور اكبر في التعايش حيث هو 'الحل الوحيد' حسب قوله.
يكمل الشريط ترحاله فيصل لغزة وافريقيا وخلال الرحلة نكتشف قصص حزينة لكن مذهلة عن معاناة رحالة يهربون من أنفسهم أحياناً او يكونون سجناء في وطنهم كتلك الفتيات من غزة التي لا تجد متنفساً لها سوى البحر الأبيض المتوسط.. ومن المفارقات أن نمراً في غزة وجد طريقه الى الحرية وموطنه في جنوب افريقيا بينما يعلق البشر على الحدود البرية او يلقون حتفهم في المياه المالحة.
تبقى ابتسامة طفل صغير رمزاً للأمل وضوء وسط الظلام الحالك  الذي ينجح أي واي في إيصاله مضيفاً اليه معلومات وأرقام مرعبة عن اعداد اللاجئين حول العالم وصولاً الى المكسيك.
Human Flow 
فيلم وثائقي يستحق المشاهدة والتأمل به خاصةً في لبنان ولكن أيضاً في البلدان المضيفة حولنا كالأردن وتركيا وكل القصص المؤلمة التي ترافقها.

Write a comment

Comments: 0